منهج الانتصار للسنة النبوية لدى ابن حزم الظاهري

ملخص المداخلة

لقد نبغ في بلاد الغرب الإسلامي عموما وفي قطر الأندلس بصفة خاصة منذ الفتح علماء أفذاذ أبلوا البلاء الحسن في الدفاع عن السنة النبوية والانتصار لها والتعلق بها، والمبالغة في الرحلة إلى المشرق لتلقيها عن أهلها وأخذها عن رجالها. 

ومن أبرز أولئك العلماء الأكابر الجهابذة  الذين  تميزوا في المنافحة عن السنة النبوية الإمام الحافظ جامع العلوم حافظ الأندلس أبو محمد علي بن أحمد ابن حزم الظاهري (ت456هـ) الذي يعد منهجه في تعظيم السنة والانتصار لها متميزا ذا أثر بالغ في  آراء  العلماء  الذين جاءوا من بعده.

وقد حاول هذا العرض  من خلال  النظر والتطواف في مؤلفات الإمام ابن حزم الوقوف على  تصريحاته في الانتصار  للسنة النبوية، وفي الرد على خصومها وأعدائها، وكشف دعاويهم ومخالفاتهم،  وتلخص له من ذلك  جمل : منها أن خلفية  موقف ابن حزم من السنة النبوية ترجع بالأساس إلى أمرين: كونه من الأئمة الحفاظ الأفذاذ الأكابر الذين أمعنوا في طلب الحديث وسماعه ونقله، وحق له أن يرى نفسه من أصحاب الحديث المفلحين الفائزين  الذين يتلقون الوحي  بالتسليم والإذعان فضلا عن كونه من أهل الظاهر، ونفاة القياس، مما دفعه إلى الاعتماد على السنة النبوية.

وأن من معالم انتصار ابن حزم للسنة النبوية أنه يعتبرها وحيا من عند الله تعالى مثل القرآن الكريم، وأنها من جملة الذكر الذي تكفل الحق سبحانه وتعالى بحفظه، ومنها دفاعه الرائع عن أخبار الآحاد التي تمثل الشطر الأكبر من السنة النبوية، ومنها تحريه للدقة والاحتياط في ما يرتضيه من قواعد علوم الحديث صيانة للسنة النبوية من غوائل الكذب والتدليس.

وفي نظر ابن حزم فإن المخالفين للسنة النبوية والحائدين عن نهجها القويم هم أرباب الابتداع، وأصحاب الأهواء مثل: الشيعة والخوارج، والمعتزلة والمرجئة ومن على شاكلتهم، كما يرى أن كثيرا من فقهاء الأمصار المقلدين حادوا عن منهج السنة النبوية من خلال كثرة الأقيسة المتعارضة والتأويلات البعيدة.