سؤال: ما المقصود بالتعليق عند علماء الحديث؟ وما المقصود به عند الإمام البخاري في صحيحه؟
الجواب: من المعلوم أن علماء الحديث اهتموا بكل ما يتعلق بالنص الحديثي من أجل إيصاله إلينا صافيا مصفى من كل تحريف أو تزييف، ومما اهتموا به ما يتعلق بالاتصال والانقطاع، ومما نجده في هذا السياق ما يسمى بالمعلقات.والمعلق عند العلماء هو الحديث الذي حذف أول سنده، سواء أكان هذا المحذوف واحدا أو أكثر على التوالي ولو أدى الأمر إلى حذف السند كله، كأن يقول الراوي مثلا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يحذف الصحابي أو التابعي، وهذا النوع من الحديث يعد من المردود، لكن هذا الحكم ليس على إطلاقه، لأنه إذا وجدناه في الكتب التي اشترطت الصحة كما هو شأن الإمام البخاري والإمام مسلم فالأمر فيه تفصيل.
فالمعلقات نوعان:
1- معلقات موصولة في هذا الكتاب، فهذا من البخاري لنكت وأغراض، منها التأكد من صحة الخبر ومنها الاختصار...
2- معلقات غير موصولة في الكتاب وهي على ضربين:
أ ـ ما روي بصيغة الجزم كأن يقول روى وقال.
ب ـ ما روي بصيغة التمريض كيٌروى ويذكر باستعمال أفعال مبنية للمجهول.
أما الأول فإنما يقصد به أن ما رواه البخاري بقال أو روى فهو صحيح، وأما ما رواه بصيغة التمريض ففيه صحيح ولكن ليس على شرط البخاري وإنما هو صحيح بحكم محدث آخر، ومنها ما هو حسن ومنها ما هو ضعيف.
والذي ينبغي أن يفهم هاهنا أن ما روي بصيغة التمريض ليس داخلا في شرط البخاري وإنما أتى به للاعتضاد، وقد جمع الحافظ ابن حجر كل تعليقات البخاري ووصلها في كتاب سماه (تغليق التعليق) ثم اختصره بحذف الأسانيد في كتاب سماه (التشويق)، ولفهم صحيح البخاري جيدا لابد من قراءة كتب ابن حجر الموضوعة عليه.
سؤال: هل أحصيت هذه المعلقات؟
الجواب: نعم أحصيت حسب الدارسين فيما يقارب 1341 حديث، وهذا المجموع يشمل الموصول وغير الموصول، وإذا استثنينا الموصول يبقى غير الموصول في حدود 160 حديثا وهو الذي اعتنى به ابن حجر في التغليق.
سؤال: ما الفرق بين المعلق والمعضل؟
الجواب: هناك فرق بينهما عند المتأخرين، أما المتقدمون فلا فرق لأنهم يرون أن أي انقطاع في السند كيفما كان يسمى المنقطع، لكن بعد ذلك تم التمييز بين الانقطاعات، فميزوا بين المرسل والمعضل والمنقطع والمعلق.
فالمعلق هو الذي حذف أول سنده، وأما المنقطع فهو ما سقط فيه راو بشرط ألا يكون في أول السند ولا منتهاه، وذلك حتى نميز بينه وين المرسل.
ابن حجر في النخبة يميز بين السقط الظاهر والخفي وبين أن أنواع السقط الظاهر أربعة: المرسل والمنقطع والمعضل والمعلق.
أسئلة المواطنـــــين:
سؤال: عن حديث: "احثوا التراب في وجه المداحين" فما صحة هذا الحديث وما المقصود منه؟
الجواب: هذا الحديث صحيح ورد بصيغة: "إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب". وقد أخرجه الإمام مسلم في صحيحه وذكر أن رجلا كان يمدح عثمان رضي الله عنه فعمد المقداد إلى ركبتيه فجعل يحثو في وجهه الحصباء، فقال له عثمان: ما شأنك؟ فقال: إذا رأيتم المداحين ... الحديث.
معنى (احثوا): علماؤنا اختلفوا في معنى هذا الحديث هل يفهم على ظاهره كما هو صنيع المقداد أم لابد من تأويل؟ هناك من قال بالظاهر كما فعل المقداد، وهناك من قال المقصود هو الخسران، أي أن كلام المداحين لا يكون مبنيا في الغالب على الصدق والواقع، وهناك من قال: المقصود هو الممدوح الذي ينبغي أن يعمد إلى التراب ليتذكر مصيره، وهناك من قال المقصود هو الإعطاء أي أن يعطي ما طلب وهو بعيد.
والذي يجمع بين هذه الأقوال هو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا إلى عدم الاغترار بالمدح الذي يؤدي إلى الإكثار من ذكر المحاسن دون ذكر المناقب الحقيقة.
سؤال: عن حديث: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يفطر على ثلاث تمرات أو شيء لم تصبه النار"، هل الحديث صحيح؟ وهل يقصد الإفطار اليومي أم خاص برمضان؟
الجواب: هذا الحديث قال عنه العلماء إنه ضعيف بهذا اللفظ وقد رواه أبو يعلى لكن هناك روايات حسنة في الباب ذاته، منها ما أخرجه الإمام أبو داود والترمذي وفيها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن فتمرات، فإن لم تكن حسا حسوات من الماء.
سؤال: ما صحة حديث: "اطلبوا الرزق من خبايا الأرض؟
الجواب: هذا الحديث لا يصح وقد رواه الطبراني في الأوسط وذكره القضاعي في مسند الشهاب، وأشار ابن الجوزي نقلا عن ابن طاهر أنه لا أصل له، وهناك من قال: إنه منكر. أي أقل ما يقال عنه: إنه ضعيف من حيث الرواية أما معناه فشهدت له النصوص القرآنية والحديثية التي تحث الإنسان على البحث عن موارد الرزق في أي جهة من جهات الأرض.
سؤال: عن صحة حديث: " من أراد الدنيا فعليه بالقرآن ومن أراد الآخرة فعليه بالقرآن"
الجواب: هذا كلام وليس حديثا، وليس هناك من العلماء من قال هذا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن معناه صحيح لأدلة قرآنية وحديثية، أي على الإنسان أن يتعلق بالقرآن فهو نور وبركة وعز ونصر وصفاء...
سؤال: من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه. هل هذا حديث؟
الجواب: هذا النص بهذا اللفظ ليس صحيحا، وقد ورد عند الإمام أحمد بلفظ آخر وهو "إنك لأن تدع شيئا لله إلا أبدلك الله ما هو خير لك منه".
سؤال: أجملوا في طلب الدنيا فكل ميسر لما خلق له، هل هذا حديث صحيح؟
الجواب: هذا حيث أورده الإمام ابن ماجه بهذا اللفظ، وأصل الحديث عند الشيخين وفيه: "اعملوا فكل ميسر لما خلق له"، ومعناه أن على الإنسان أن يبنى أموره كلها على الوسط فلا إفراط ولا تفريط، وهذه تربية من رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوجيه نفيس منه في كيفية التعامل مع الدنيا.
سؤال: حديث: " يا أبا هريرة كن ورعا تكن أعبد الناس، وكن قنعا تكن أشكر الناس وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمنا، وأحسن جوار من جاورك تكن محسنا" هل هذا الحديث صحيح؟
الجواب: هذا الحديث أخرجه أصحاب السنن بألفاظ متقاربة وهذه رواية ابن ماجه، والحديث حديث حسن إجمالا أي إنه مقبول يحتج ويعمل به. وقد ورد في قصة معروفة وهي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحدث ذات يوم فقال: من يأخذ عني هذه الكلمات فيعمل بهن ويعلم من يعمل بهن، فقال أبو هريرة: أنا يا رسول الله، فأخذ بيده فعد خمسا لكن هذه الألفاظ التي قلت فيها اختلاف يسير بين المصادر الحديثية التي أوردتها.
والمقصود هنا بالورع هو أن يكون الإنسان دائما على احتياط مما يمكن أن يوقعه في مخالفة الشرع.
والقناعة: ألا يطمع الإنسان في الاستكثار غير المنضبط بالشرع، ويرضى بما قسم الله له. والقناعة مهمة جدا إلا في العلم "وقل رب زدني علما".سؤال: عن حديث: " إذا جاءك الشيطان وأنت تصلى فقال إنك ترائي فزدها طولا" هل هذا صحيح؟
الجواب: هذا الحديث ليس صحيحا وإنما نسب إلى التابعي إبراهيم النخعي وكذلك في بعض الروايات إلى الحارث بن قيس، فليس حديثا مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا اعتبرنا نسبته إلى التابعي إبراهيم النخعي فهو اصطلاحا مقطوع.
سؤال: عن حديث: " مثل القلب مثل الريشة بأرض فلاة تقلبها الرياح" هل هذا الحديث صحيح؟ وما المقصود بتشبيه القلب بالريشة؟
الجواب: هذا الحديث أخرجه الإمام ابن ماجه وفي رواته راو مجمع على ضعفه وهو يزيد بن أبان الرقاشي. ورواه أيضا مسدد في مسنده، فخرج من دائرة الضعف فارتقى إلى درجة القبول بهذا الشاهد، فهو في أصله بغض النظر عن الشواهد ضعيف وباستحضار الشواهد حسن.
ومعنى الحديث أن القلب يسهل أن يتأثر كالريشة التي تحركها الرياح، وسمي القلب قلبا لأنه يتقلب كما قال البعض. لذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول دائما في دعائه: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك.
سؤال: عن حديث: " من حفظ القرآن ثم نسيه لقي الله يوم القيامة وهو أجذم" ما معناه وهل هو صحيح؟
الجواب: هذا الحديث مروي في مصنفات كثيرة وبألفاظ متقاربة: من حفظ، من قرأ، من تعلم، وهو حديث حكم عليه العلماء بالضعف رواية، وأما من حيث المعنى فلا بد من تفصيل، فإذا وقفنا عند كلمة نسي فهي لغة تطلق على معنيين: تطلق على الغفلة وذهاب العقل، وعلى الترك، وقال العلماء يستبعد أن يكون المقصود المعنى الأول أي الغفلة وذهاب العقل، ويبقى المعنى المراد أن من تعلم أو حفظ شيئا من القرآن فترك العمل به فهو أجذم أي لا حجة في يده، وليس المقصود قطع يده أو يديه. ثم إنه لا ينبغي فهم هذا الحديث بعيدا عن النصوص التي تحث عن فضل من يحفظ القرآن وعمن يتتعتع فيه...
فلا بد لكل مسلم أن يكون له ورد يومي، وقد ذكر بعض الفضلاء أن هذا الورد ينبغي أن يعتمد على ستة أمور:
- ورد قراءة القرآن الكريم لأن من معاني القراءة التلاوة.
- ورد الاستماع للقرآن الكريم.
- ورد فهم القرآن الكريم بأن يجتهد في فهم القرآن الكريم.
- ورد التدبر أي أن ينظر المسلم إلى هذا الكتاب من حيث أثره فيه.
- ورد العمل أي أن يصير هذا الكتاب سلوكا يوميا.
- ورد الدعوة أي أن ندعو إلى هذا القرآن بأحوالنا وأفعالنا وسلوكنا وتصرفاتنا.
ذ. المصطفى زمهنى
Commentaires